مقالات الرأي

كيف نفهم القواعد النفسية لبنات حواء؟

هل جربت يوما أن تكون اليد التي تصلح نوافذ الآخرين المهترئة أو المكسورة ؟
تعد نظرية النوافذ المكسورة أحد المفاهيم الأساسية في علم الاجتماع ،حيث تقدم نظرة جديدة و شاملة حول تأثير البيئة والظروف الاجتماعية على سلوك الآخرين ،إن تراكم الظروف و الأحداث السلبية يمكن أن يحدث شرخا عميقا في النفس البشرية عامة والمرأة بصفة خاصة.
فماهي نظرية النوافذ المكسورة ؟
و كيف نفهم نفسية المرأة على ضوء هذه النظرية ؟
ماهي تطبيقات هذه النظرية في حياتنا اليومية؟
و ماهي الحلول المقترحة والتي يمكن اعتمادها للتقليل من تأثير النوافذ المكسورة ؟

نظرية النوافذ المكسورة
هي نظرية اجتماعية أسست على تجربة ملهمة اقترحها فيليب زيمباردو و تولين ريش سنة 1969 في الولايات المتحدة الأمريكية حيث قاما بترك سيارة بدون لوحة تحمل رخصة، في منطقة نائية ،الأولى في منطقة فقيرة و الثانية في منطقة غنية ، سرعان ما لاحظت انها تعرضت للكسر و النهب بل التدمير الكلي في الحي الفقير بينما تطلب الأمر وقتا أطول بالنسبة للسيارة المركونة في الحي الغني .
استنتج الباحثان أن البيئة التي تعاني من آفات و تقصير تنعكس على سلوك الأفراد سواء كانوا متعلمين أو غير متعلمين ،فقراء أو أغنياء.
و قد تم تعميم هذا المفهوم فيما بعد و امتدت تفسيراته إلى المجال الاجتماعي إلى الإداري و النفسي.

كيف نفهم نفسية المرأة على ضوء هذه النظرية؟
إن الحديث عن سيكولوجية المرأة أو الطبيعة النفسية لها ليس موضوع هذه المقالة ولكن نلفت الانتباه إلى أن أهم خصائص المرأة النفسية هي التكشف البيولوجي ، و هذا يعني أن التكوين البيولوجي للمرأة بما هي أضعف عضليا من الرجل و ما تمربه المرأة في حياتنا من بلوغ فمواعيد الدورات الشهرية ثم الحمل فالوضع والرضاعة ثم انقطاع الطمث يخفي وراءه عالما نفسيا و جوانيا عظيم التعقيد و الأثر.
إن التكشف البيولوجي عند المرأة و الذي يظهر واضحا العيان يقابله تستر نفسي- لا تدركه إلا عين الخبير المتمرس-
مع ما يصاحب ذلك من مشاعر جياشة و عواطف متقدة و تقلبات مزاجية .
أن هذه السيولة العاطفية يكمن خلفها تركيبات عصبية و إفرازات هرمونية تجعل المرأة قوة دافقة، لكن في عالم المال و توحشه تصبح المرأة النافذة المكسورة التي تحفز الآخرين للمرور من خلالها ببساطة لأنها مكسورة و تعطي الإشارة الخضراء للجميع رجالا و نساءا ليمروا من خلالها و يستنزفوا طاقاتها و قدراتها .

ما هي التطبيقات الحياتية لنظرية النوافذ المكسورة ؟
توجد العديد من الأمثلة والتطبيقات الحياتية يمكن استخدامها لتطبيق نظرية النوافذ المكسورة في سياق الفقر و البطالة و العنف و اللاستقرار الأسري …

         الفقر : نافذة مكسورة تؤثر على سلوك المرأة فعندما تعيش المرأة في ظروف مادية صعبة وتواجه صعوبات في الحصول على الاحتياجات الأساسية  كالغذاء و المسكن و الرعاية الصحية فإن ذلك يؤثر على تطلعاتها واختياراتها في الحياة .

        البطالة :  و هي أيضا نافذة مكسورة حيث تعاني المرأة من فرص عمل موسمية ،و أجور زهيدة و ظروف عمل لا صحية و هذا يؤدي إلى اهتزاز ثقتها بذاتها،و تدهور صحتها الجسمية و النفسية.

        العنف : و هو أحد العوامل المشكلة النوافذ المكسورة ،فعندما تتعرض المرأة في صباها للعنف الأسري أو لعنف الشارع فإنها تطور سلوكا عدوانيا و انحرافات في المعتقدات الفكرية اتجاه ذاتها او اتجاه الآخرين.

        الأمية : و اقصد هنا الأمية بمعناها الشامل و ليست أمية القراءة و الكتابة ،فعندما تعزل المرأة ذاتها و حلمها في اقتناص شريك ليس وعيا منها بدورها القيمي و الإنساني و لكن هروبا من نوافذ مكسورة كثيرة فإنها تتعثر بنافذة زجاجها أكثر حدة و اقوى مضاءا .

        التفكك الأسري : هو عامل و نتيجة للنوافذ المكسورة السابقة وما يصاحبها من إدمانات و عنف، اتجاه الأبناءواتجاه الذات و الشريك.

الحلول المقترحة
إن معالجة كل هذه النوافذ المكسورة يستدعي هبة مجتمعية و يقظة من المستوى البرتقالي من طرف المجتمع و الدوائر الرسمية وغير الرسمية وذلك عبر :
● توفير فرص عمل مستدامة و تنمية القدرات التي تساعد على ولوج سوق الشغل .
● تعزيز التعلم و التدريب المهني لجميع الفئات العمرية و بجودة عالية.
● توفير الدعم الاجتماعي للفئات الهشة .
● تعزيز الحقوق و المساواة الفعلية.
● تحسين الظروف الاقتصادية و الاجتماعية و الاعتراف بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر و العمل المنزلي و تقديرها.
● تحسين الرعاية الصحية و خدمات الدعم النفسي و العاطفي و خدمات الصحة العقلية و المشورة .
● تعزيز الحوكمة والمشاركة الاجتماعية و ذلك لضمان مشاركة الجميع في صنع القرار و تنزيل السياسات الاجتماعية.

إن تحقيق تحسينات في هذه الجوانب يمكن أن يساعد على التخفيف من آثار النوافذ المكسورة في المجتمع و تحسين الظروف الاجتماعية و بالتالي تحسين جودة الحياة.

هدى بركات
مستشارة نفسية و أسرية
كاتبة
باحثة في قضايا المرأة و الأسرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى