الدكتور درداري يكتب:نظام الأسرة المأمول في التشريع الأسري المنشود
في البداية يجب ان نبدأ بطرح الأسئلة التالية:
هل ما تزال الاسرة مهمة أم ان الفردانية عوضت الاسرة؟ وهل الأزمة أزمة قانون أم أزمة ثقافة أم أزمة العلاقة بين القانون والثقافة والدين؟
وامام هذا المجمع من العارفين من مثقفين وباحثين وقانونيين وممارسين من داخل هيئة الدفاع، نسأل عما الذي يجب تعقبه؟
اننا نحتاج الى تحديد: ماذا؟ من؟ كيف؟ لماذا؟
فموضوع الأسرة خلق جدالا حقوقيا ودينيا حول الاصلاح الذي نبحث عنه، وهل الغاية هي السعادة؟ ام الانتصار لأحد طرفي الصراع؟
وهل المراجعة يمكنها اعتماد مقاربة سليمة وصحيحة أم لا؟
هل مشروع المدونة الجديد سوف يحل أزمة المتضررين من مدونة الاسرة الحالية؟ وهل سيزيل التخوف لدى غير المتزجين؟
هل التقبيح عبر ترويج الصور النمطية وبشكل متبادل بين الزوجين يعبر عن الوعي المنشود؟
بعد مرور 68 سنة على من محاولات التحديث الا أننا ما زلنا نبحث عن بيئة سليمة لحياة الأطفال؟
الا يمكن التركيز على تحديد المسؤوليات أكثر من تفريع الحقوق والحريات التي بعد تحديدها قد نفقد قيمة الزواج؟ يجب اعادة الاعتبار لمكانة المرأة في الثقافة المجتمعية؟ وكيفية حماية الاطفال؟ والتكوين قبل الزواج؟
فلا يكفي الاستدلال على اهتمام القرآن بالأسرة، وإنما بمدى العناية التشريعية التي أولاها القرآن للأسرة، إذ نجد في القرآن تفصيلات تشريعية وقيمية وإرشادية لمختلف مكونات الأسرة، واهتماما بتنظيم علاقاتها وفق منظور تشريعي مقاصدي، ببيان حقوق أفرادها وواجباتهم والقيم التي يجب التحلي بها، والمقاصد التي ينبغي أن تأطر مشروع المدونة الجديد.
وعليه فلا مانع من محاولة تبيان مفهوم الأسرة قبل الانتقال إلى دراستها مقاصديا، بما يتماشى مع تداول المصطلح اليوم.
لذا فأركان الأسرة من المنظور الإسلامي تتمثل في:
- ترابط بين رجل وامرأة تنتفي بينهما موانع التحريم بميثاق شرعي.
- قيام الرابطة على قصد التأبيد لا التأقيت.
- الرغبة في المكاثرة الكمية والكيفية بأبناء الصلب.
وتبقى بوصلة الأسرة في القرآن موجهة دائما نحو مركز الأمة، بغية الاستكثار والنهوض والشهود، وجعل الاسرة هي اللبنة الأولى في تشكيل المجتمع، وبدون جماعة سوية لا يمكن الحديث عن مجتمع راشد، فيلزم من صلاح الأولى صلاح الثانية.
وعليه، فإن الاعتناء التشريعي بالأسرة كان من أجل تثبيت ماهيتها، وتجلية المساحات العلائقية وحدودها، والتركيز على أنها امتداد واتساع نحو أمة الرسالة والبلاغ والشهود. وتتحدد العلاقات الزوجية بما ينجم عنها من علاقات قرابية سواء على مستوى الوفاق، زواجا، أو الخلاف، إصلاحا وتدبيرا، أو الافتراق، طلاقا أو وفاة، وذلك بتحديد آليات كل مستوى على حدة؛ فيظل الزواج هو الرابطة المقدسة والميثاق الغليظ الذي ينبغي حشد جميع الوسائل من أجل تيسر سبله وتوطيد أركانه.
وهذا هو جوهر الفرق بين المفهوم الإسلامي والمفهوم الغربي؛ إذ الناظر لمصطلح الأسرة في بعض المعاجم الغربية، سيجد أن سمته العامة التغير، حتى يخلو من كل محدد ماهوي ثابت. وقد عرفه المفهوم معجم لاروس الصادر سنة 1971 الأسرة هي الأب والأم والأولاد، وأول ما يلاحظ حول هذا التعريف عدم الإشارة إلى نوعية الرابطة بين الأب والأم، مما يعتبر مؤشرا لنمو ظاهرة الارتباط الحر وقتها.
والأسرة التقليدية تتأسس على الزواج بين الرجل والمرأة وإنجاب أطفال شرعيين. لكن لا بد من توسيع هذا التوصيف في ضوء تطورات المجتمع، فالشريكان يمكن أن يرتبطان بالمعاشرة الحرة، أو بالاتفاق المدني القائم على التضامن. وليس هناك نموذج وحيد له ثوابته. ومنه، نفهم عدم وجود مكونات دلالية ثابتة في ماهية المفهوم، لكونها تتغير بتغير الأزمان والخلفيات، والعلة أنه لا يوجد أصل ثابت يتحكم في المفهوم، فيحدد المطلق من النسبي، والثابت من المتغير.
مفهوم الأسرة وفقا للمعايير الدولية والتشريعات الوطنية
تعترف المادة (23) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ورغم التأكيد على ضرورة تمتع الأسرة بحماية المجتمع والدولة الا انه لم يتعرض للعنف الأسري، يلاحظ ان مفهوم الأسرة يختلف من دولة الى أخرى فمنهم من يعتبرها النواة في المجتمع ومنهم من يعتبرها الأسرة الموسعة، وفي العالم المتحضر يعتبر الرفيقين غير المتزوجين وأولادهما أسرة، او الأب او الأم المنفردين وأولادهما أسرة، ويشترط في هذه الحالات ان يكون القانون والممارسة الوطنيان يعترفان بهذه الأنواع من الأسر وأعضائها ويحميانه.
اما على المستوى العربي نجد الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 2004 في المادة (33) منه، يلخص مفهوم الأسرة العربية عموما، ويعرفها في الفقرة الأولى على أنها الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع، والزواج بين الرجل والمرأة أساس تكوينها وللرجل والمرأة تأسيس أسرة وفق شروط وأركان الزاوج على ان ينظم التشريع النافد الحقوق والواجبات لهما، وتكفل الدولة والمجتمع حماية الأسرة وتقوية أواصرها وحماية أفرادها وتحظر أشكال العنف واساءة المعاملة بين أعضائها خصوصا المرأة والطفل. مما دفع بعض الدول العربية مثل مصر والمغرب بتبني فكرة المحاكم الأسرية للنظر في قضايا الأسرة متخصصة في القضاء والاستعانة بخبراء اجتماعيين ونفسيين ومراعاة النوع الاجتماعي.
مما تقدم نجد ان محاربة العنف الأسري هو استراتيجية تتبناها الدولة بالتزام قضائي للتصدي لهذه الظاهرة في المجتمعات المتطورة، ويعتبر العنف الأسري خرقا للعلاقات الانسانية المفترضة بين ابناء الأسرة الواحدة، مما يجعله محورا اصلاحيا مهما في إطار التنمية الإنسانية.
أما عن أهم الاقتراحات والتوصيات فهي كما يلي: - التوجه نحو السبل البديلة لتسوية الخلافات الأسرية حيثما أمكن، حيث اصبحت هي
المفضلة عن اجراءات التقاضي التقليدية في الكثير من النظم القانونية، لأسباب تتعلق بمراعاة الجوانب الاجتماعية، النفسية والاقتصادية. - العمل على اصلاح الواقع الذي نعيشه والمحدد للعلاقات الاجتماعية والأسرية تجاه افراد المجتمع وزيادة نسبة العنف الأسري الناتج عن الاضطراب والتباين في مدى تأثير العناصر المكونة للفكر الانساني الحديث بين تطرف مطلق وانفتاح عشوائي حتى أصبحت الأسرة ترضخ لضغوط ايديولوجية مختلفة.
- التشجيع على الزواج للحفاظ على مؤسسة الاسرة ومواجهة التفكك الأسري باعتباره مؤشر على عمق المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا مثل جنوح الأطفال والانحراف وضعف الاقبال على الزواج، بالرغم وجود منظومة تشريعية الوطنية الخاصة بهذا النوع من القضايا التي تمس الأمن الشخصي مباشرة او الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع ككل.
- تقديم الدعم الاجتماعي الأسري لجميع الأسر في وضعية هشة حتى وان ولم يكن سبب ذلك وجود دعوى الانفصال او الطلاق، واشراك منظمات المجتمع المدني باعتبارها مسؤولية المجتمع والدولة.
- اعتبار زواج القاصر إكراها على الزواج وعنفا أسريا يستلزم التدخل والإدانة.
- حماية الطفل من العنف الاسري والإيذاء او الاهمال تماشيا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
- تدخل الدولة بصفتها صاحبة الفضل لحضانة الطفل في غياب الحضانة الطبيعية اللازمة لأي طفل أو وجود عنف يؤذيه.
- إدراج الزواج المدني والعرفي من القضايا ذات الاختصاص في المحاكم الأسرية على اساس نوعي حتى وان لم يكن معترفا بهذه العلاقة في المملكة.
- تعميق تكوين السيدات والسادة القضاة في مجالات معرفية قانونية ودينية واجتماعية ونفسية للإحاطة بمشاكل الأسرة من جوانب مختلفة وايجاد الحلول المناسبة لها.
- فصل الملكية المشتركة المحصلة بين الزوجين أثناء مدة الزواج عن الإرث الثابتة قواعده.
- العمل على منع الزواج بين الاقارب لما له من آثار بيولوجية تنتج اعاقة الابناء.
الدكتور احمد درداري استاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان
جميل أستاذنا🥰مبدع كعادتكم🙏🏼
أحب أن أضيف أنه:
يجب الإقرار بالوصية كخيار أولي وأساسي، والإرث كخيار بديل ثانوي، على أن يورث الكل سواسية وبتم إلغاء مفاهيم العول والتعصيب.
أن يكون الزواج عبارة عن عقد منمذج يتضمن كل شاردة وواردة يتفق عليها الطرفان بما فيه الملكية المالية المشتركة وخلافه، بحيث في النزاع يتم الاحتكام للعقد.
أن يقيد التعدد بإجبارية الزيجة الثانية من أرملة ذات يتامى أو مطلقة ذات أولاد، بالاضافة لشروط القدرة المالية والجسدية ….
أن يكون الطلاق موضوعا ذا أهمية في التقاضي ويمنح له وقت للصلح والتراضي بحيث يكون كافيا ومجديا.
يجبفي حالة انحلال الزواج إلغاء ما يسمى بالمتعة والابقاء على نفقة الاولاد في حدود امكانيات الأب.
🤷🏻♂️🤷🏻♂️